إسأل  
 
  الكفاية  
 
  العود  
 
  التجويد  
 
  الآجرومية  
 
  الخطوط  
 
  الرئيسية  
 

 كتاب الأيام


من كتاب الأيام - الفصل الرابع

طه حسين


كان من أول أمره طلعَةً لا يحفل بما يلقى من الأمر في سبيل. أن يستكشف ما لا يعلم. وكان ذلك يكلفه كثيرًا من الألم والعناء. ولكن حادثة واحدة حدّت ميله إلى الاستطلاع, وملأت قلبه حياءً لم يفارقه إلى الآن. كان جالسًا إلى العشاء بين إخوته وأبيه, وكانت أمه كعادتها تشرف على حفلة الطعام, ترشد الخادم وترشد أخواته اللائي كن يشاركن الخادم في القيام بما يحتاج إليه الطاعمون. وكان يأكل كما يأكل الناس. ولكن لأمر ما خطر له خاطر غريب ! ما الذي يقع لو أنه أخذ اللقمة بكلتا يديه بدل أن يأخذها كعادته بيد واحدة? وما الذي يمنعه من هذه التجربة ? لا شيء. وإذًا فقد أخذ اللقمة بكلتا يديه وغمسها من الطبق المشترك ثم رفعها إلى فمه. فأما إِخوته فأغرقوا في الضحك. وأمّا أمه فأجهشت بالبكاء. وأما أبوه فقال في صوت هادئ حزين: ما هكذا تؤخذ اللقمة يا بني. وأما هو فلم يعرف كيف قضى ليلته
من ذاك الوقت تقيدت حركاته بشيء من الرزانة والإشفاق والحياء لا حدّ له. ومن ذلك الوقت عرف لنفسه إرادة قوية. ومن ذلك الوقت حرم على نفسه ألوانًا من الطعام لم تبح له إلا بعد أن جاوز الخامسة والعشرين. حرم على نفسه الحساء والأرز, وكل الألوان التي تؤكل بالملاعق, لأنه كان يعرف أنه لا يحسن اصطناع الملعقة, وكان يكره أن يضحك إخوته , أو تبكي أمه, أو يعلمه أبوه في هدوء حزين

Taha Hussein
. ولد طه حسين بمصر سنة 1889
أديب وناقد مصري فقد بصره في طفولته الأولى . نشر كتابه الأيام عام 1929 م توفي بـالقاهرة عام 1973






  

محتويات





























© الجملة المفيدة. 2010


بحث

chimie labs
|
scientific sentence
|
java
|
php
|
green cat
|
contact
|


© 2010 الجملة العلمية  جميع الحقوق محفوظة