Societies
Sociétés
مدارس التجهيل

بعد كل هذه السنين في المدرسة، ما هو المحصول؟

البنية الذهنية جزء من الإدراك، أي من الفهم والذاكرة. هي ما يمتلكه و يختزنه أي فرد من أفكار و تصورات و تمثلات و آراء ، تعلَّمها أو ابتكرها. تنمو مع كل تعلم جديد ، و يعاد تشكيلها كل مرة. بالإرادة القوية ، نتمكن من إرتقائها و تصفيتها من التصرف السلبي فتصبح بنية عقلية سليمة

من الواضح أن مما تحصل عليه التلميذ عبر تعلّمه، فيه ما يفيده و فيه ما لا يفيده. و كثيرا ما تخلو البنية الذهنية للتلميذ من المشاعر و المنطق فيتصرف بغير توازن. كل من الخلفية الأبوية و المدرسة ساهما في بنائها و تشكيلها

في خاتمة المطاف الدراسي، المحصول ، طيّ البنية العقلية للتلميذ، مكونتين مرتبتين. المعلومات التي أدركها من طرف الخلفية الأبوية و المدرسة ، و بهذه الأخيرة ينال شهادته الأكاديمية، ثم السلوك أو الطريقة التي يستعملها لمعالجة أي معلومة

الشهادة المدرسية والحياة

في أية حال، التعلم يأدي حتما إلى تراكم العلم و المعرفة و الخبرة في البنية الذهنية داخل إدراك الإنسان. بشكل متواز، تتراكم الوسائل المستعملة لمعالجة المعلومة

المدرسة لا تنتج العلماء. الطالب ينهي تعلُّمه في المدرسة بالحصول على شهادة ما. بالممارسة و التجربة بعدئذ ، يُصبح عارفا باستعمال الحفظ و التردد أو عالما باستخدام البحث و استعمال المنطق، فيصير في نهاية المطاف، مواطنا من ضمن النخبة المثقفة، لغرض إفادة المجتمع و تثقيف و تنوير المواطنين

المدرسة تمنح الطالب شهادة لطلب و نيل وظيفة. التعليم يبقى أداة لنيل علم معين أو معرفة معينة . مثال الطبيب الذي استغرقت دراسته بأكملها حوالي عشرين عاما لينال شهادة ممارسة مهنة الطب
فقد يبقى عندئذ طبيبا يشتغل طول حياته من غيرأن تتطور بنيته العقلية. خارج المهنة أو حتى داخلها ، يظل يحذو حذو أقاربه المباشرين و يفكر بطريقة خرافية لا تختلف عن التي يتخدها والديه و الذين حواليه

على سبيل التوضيح، احترام المواعيد، المصلحة الشخصية، حب الوطن، حب الفن ، تصديق الخرافة ، الإخلاص في العمل، أو الضحك على البسطاء، كل هذه الحقائق، من بين العمليات التي تتواجد في البنية الذهنية، فيسلك صاحبها ، بالنسبة لها، سلوكا سلبيا، لا تعالج إلا عن طريق سؤال الضمير

وجود شهادتين دراسيتين متساويتين تماما ، كل منهما مرتبطة بسلوك مختلف ، لا يعطي نفس النتيجة. البنية الذهنية المتطورة الراقية هي التـي تنتج المعرفة. رقـيّ الأمم فـي ثقافاتها عبر البنيات العقلية

عبد الرزاق عجاجة --
مدرسة الترويض ، في صناعة الجهل ..