Articles
Societies
الراديكالية و العلمانية

عندما تصطدم الراديكالية المغتربة بالقوانين العلمانية في البلد الذي يقدم لها الضيافة.

في الدول الغربية المتحضرة المرحِّبة ، تم وضع القوانين العلمانية بعد ثورات وتغيرات. تطورت الثقافة الإنسانية منذ أكثر من قرنين من الزمن ، بعد العديد من النضالات من قبل ملايين الرجال والنساء الذين سعوا إلى الحرية .

في هذه الأوطان المضيفة ، بلد القانون ، حيث يعيش رجال و نساء من أعراق مختلفة ، غالبا ما يتم توفير فرص متساوية من خلال إنشاء تكييف معقول. عندها سيكون من الممكن لجميع المواطنين، الاستفادة منها والعيش الكريم في وئام و سلام

جانب كل هذه الاحتمالات ، هناك عنصر الجهل و التطرف المتواجدين داخل الثقافات والمحرمات المستوردة . القوانين في بلاد الهجرة ، بفضل مبادئها الإنسانية والعلمانية، توفر للتطرفات الدينية أرضًا خصبة لتنمو و تزدهر. لكن الأصولية الدينية ، بمجرد أن تثبِّت أقدامها ، تتطلب تسهيلات و تكييفات تخدم مصالحها، غالبا باستعمال لعبة المظلومية . في معظم الأحيان، هي تخسر المعركة فتلجأ إلى القوة باستعمال القتل و الإرهاب

عندما ترغب الأصولية الدينية ممارسة التسلل داخل المؤسسات البرلمانية و الحكومية العلمانية من خلال الثغرات الموجودة في قوانينها الديمقراطية ، فهذا لغرض محدد للغاية و مخطط مسبقًا ، وهوالعودة إلى أنظمة الدولة الدينية و التسلط على المواطنين، خطوة بخطوة حتى آخر دولة على وجه الأرض

هذه الأصولية ، بالمرصاد لكل الثغرات في العقول و القوانين ، تتوق إلى أن ذات يوم ، تتواجد و ترأس المؤسسات القضائية للدول العلمانية ، من أجل نشر التطرف والخراب في بلدانها ثم بعد ذلك ، تدريجيًا، في جميع أنحاء الكوكب. إذا تم تنفيذ هذه التقنية في الدول الغربية المضيفة المتقدمة ، فسوف تنتصر الأصولية الدينية على الديمقراطية و العلمانية فتنهار الحضارات

هنا مثال دولة غربية ، حيث تتسلل الأصولية الأجنبية و تبحث عن ملجأ تعيش فيه لتنمو و تزدهر بدون مشاكل كثيرة. كيبيك ، مقاطعة كندية ، مرتبطة بقيم العلمانية والحياد الديني لمؤسساتها. على أساس هذه القيم ، و مقابل الراديكالية المتصاعدة ، أسست قانون العلمانية ، القانون 21

في 16 يونيو 2019 ، أقرت الجمعية الوطنية في كيبيك بكندا قانونًا بشأن العلمانية، القانون 21، أو قانون علمانية الدولة. المادة 1 تنص على أن : "دولة كيبيك علمانية"

من أجل احترام حرية الضمير، لجميع المواطنين ، يحظر هذا القانون ارتداء الرموز الدينية لموظفي الدولة في موقع سلطة قَسْرِية ، وكذلك على المعلمين في شبكة المدارس العامة. تشمل الرموز الدينية الحجاب الإسلامي للشابات المسلمات
يُعترَف بالحق المكتسب للأشخاص الموجودين بالفعل في مناصبهم في 27 مارس 2019 ، اليوم السابق لتقديم مشروع القانون

هذا القانون مدعوم بأغلبية كبيرة من سكان كيبيك . من قبل جمعيات المواطنين من جميع الأصول ، بما في ذلك جمعية كيبيك لأبناء شمال إفريقيا من أجل العلمانية

هذا القانون 21 المتعلق بالعلمانية في أمريكا الشمالية هو أقل قساوة من أمثاله في أوروبا. إنه لا يحظر ارتداء التلاميذ للرموز الدينية ، كما هو الحال في فرنسا. كما أنه لا يسمح بفرض الحياد الديني في الأعمال التجارية ، كما هو مسموح به في الاتحاد الأوروبي

لقد أثار هذا القانون الجدل و تمت مهاجمته . ليس من قبل جميع المسلمين ، ولكن من قبل الأصوليين، و بالخصوص من المجلس الوطني للمسلمين في كندا. المجلس الذي لا يمثل إلا نفسه فقط. و من ثم أصبح سكان كيبيك متهمين بالإسلاموفوبيا و العنصرية وكراهية الإسلام

لكن من هو هذا المجلس ؟ باسم من يتكلم و يتصرف ؟ كيف يتم تمويله ؟ ما هو هدفه و مشاريعه ؟ هذا المجلس يلاحق القانون 21 في المحكمة. التطرف الغريب الذي يهاجم القيم الأساسية للأمة العلمانية، لا يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات تجاه المسلمين

أخيرا، فيما يتعلق بالنقاب ، وفقًا للمادة 8 من هذا القانون ، يجب على جميع الموظفين أداء واجباتهم دون تغطية وجوههم ، وأي مواطن يرغب في أن يتم خدمته من قبل الدولة يجب عليه أيضًا أن يفعل ذلك ووجهه مكشوفًا إذا كان ذلك ضروريًا للتحقق من هويته أو لأسباب أمنية

عبد الرزاق عجاجة --
الإسلام في أرض الهجرة
أغسطس 2020